السبت، 27 نوفمبر 2010

هل يُقال : المدينة " النبويّة " أم " المنوّرة " ؟


  #1   تقرير بمشاركة سيئة  
غير مقروء اليوم, 04:13 PM
مستخدم

تاريخ التسجيل: Dec 2007
المشاركات: 1,038
هل يُقال : المدينة " النبويّة " أم " المنوّرة " ؟


وقال شيخ عبد الباري في المجموع : سمعتُ والدي (علامة حمّاد بن محمد الأنصاري رحمه الله) يقول: بحثت عن أصل قول الناس في هذا الزمان عن المدينة ((المنورة)) ووجدت أن أول من أطلق عليها المنورة العثمانيون أما الصحابة والتابعون ومن بعدهم بقرون كثيرة فإنهم يقولون عنها المدينة النبوية.

المجموع في ترجمة الشيخ حمّاد بن محمد الأنصاري /الجزء الثاني/الصفحة 548/ القول:434
رد مع اقتباس الرد السريع على هذه المشاركة
  #2   تقرير بمشاركة سيئة  
غير مقروء اليوم, 08:56 PM
مستخدم

تاريخ التسجيل: Aug 2002
المشاركات: 2,163
مكتبة الفتاوى : فتاوى نور على الدرب (نصية) : الجنايات/ الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله


السؤال: بارك الله فيكم السائل من المدينة المنورة رمز لاسمه بـ م. ي. يقول أعمل في محل تجاري وأحيانا أجد بعض الهوام من جرذان أو فئران أو غيرها حاولت القضاء عليها بالقتل مباشرة فلم أستطع لصعوبة لصعوبة ذلك اشتريت مادة غراء لاصقة لإمساكها فتسبب ذلك بأضرار في البضاعة اهتديت إلى مصيدة على شكل صندوق مخرم تدخل فيه تلك الحشرات والحيوانات فتنطبق عليها وهي حية ثم بعد ذلك أقوم بقتلها بواسطة سيخ أو آله حادة مع العلم بأن ذلك يحدث بعض العذاب لها أثناء القتل وإذا لم أقتلها أقوم برميها في إناء فيه ماء فلا تستطيع الخروج منه وتبقى كذلك حتى تموت فهل علي حرج في ذلك؟


الجواب الشيخ: أولا السائل يقول بأنه من المدينة المنورة وهذه كلمة شائعة بين الناس أن يسموا المدينة بأنها المدينة المنورة وحقيقة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة أضاء منها كل شيء لكن لما توفي أظلم منها كل شيء هكذا جاء الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه وهي مدينة منورة بلا شك بالعلم والإيمان وكذلك كل مدينة دخلها الإسلام فإنها منورة بالعلم والإيمان والذي ينبغي أن تسمى المدينة. المدينة النبوية كما كان سلفنا المؤرخون يسمونها بذلك أي بالمدينة النبوية وهذه الخصيصة أعني كونها نبوية خاصة بالمدينة لأنها البلد التي هاجر إليها رسول صلى الله عليه وسلم واختارها موطنا له ومات فيها فوصف المدينة بأنها نبوية أولى من وصفها بأنها المنورة وأما ما يتعلق بسؤاله عن هذه الحشرات والجرذان فإن له أن يقتلها بأهون وسيلة سواء أن كان ذلك باللاصق لكن إذا كان باللاصق فلابد أن يلاحظها ويكرر ملاحظتها لئلا تموت جوعا أو عطشا فيقتلها من حين أن يراها أو كان ذلك بما ذكره من وضع فخ تدخل فيه ثم يقضي عليها بالقتل أو كان ذلك بإلقائها بالماء حتى تموت لكن يجب أن يسلك أسهل طريق يحصل به الموت لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتل وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة).

وللشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- كلام آخر في مواضع متفرقة لو أن أحد الإخوة قام بجمعه في مكان واحد وجعله تحت عنوان واحد حتى يسهل الرجوع إليه.

التعديل الأخير تم بواسطة سلطان الجهني ; اليوم الساعة 10:44 PM
رد مع اقتباس الرد السريع على هذه المشاركة
 اليوم, 09:31 

الجمعة، 7 أغسطس 2009

نظم الصبابة في مدح المدينة طابة نظمها الشيخ سعود الشريم إمام وخطيب المسجد الحرام

نظم الصبابة
في مدح المدينة طابة
نظمها
الشيخ سعود الشريم
إمام وخطيب المسجد الحرام

بسم الله الرحمن الرحيمصبابة حـب العاشقـين تسنم .............ونـار فـراق الوالهـين تضــرم
تكل قلـوب بالمفـاوز والنـوى..............ويكلمـها بعـد الحبيـب فتسقــم
ألا مـن دليل للمحـب ومحسن............. برته صروف البين وهي تصــرم
أسائل عنها كل بـاد وحاضـر.............. وذي النفـس لهفى للغـدو تشمـم
إذا عاين المشتاق صورة قدها...............تهـلل دمـع النفس وهي تبســم
فلا سائر سير المحب ورائـح............... يعــود مـلولا للقـاء ويســأم
وكنت إذا ما اشتد بي العهد والنوى..........أزيد اشتيـاقا في اللقـاء واحلــم
إلى طيبة الغـرا هيام يشـدني............. بهــا مسـجد للزائـرين يعظــم
بنـاه رسـول العالمـين محمد.............شفيـع الـورى بر يجـود ويرحـم
طريـد بـلاد الله من كل عصبة............ تنـادوا إلى قتل الحبيب وسومــوا
فمـن إله العالـمين بفضـله................على عبـده أرض المدينـة يكـرم
فغاظت قلـوب المشركين بهجرة ............. وأرغم أنف الكافـرين وأزكمـوا
ونال من الأنصـار كل تحـية.................أتـوه رجـالا ممتطيـن هواهــم
يقولـون مرحى بالنبي وصحبه...............حللتم بـنا أهــلا وسهلا وطأتــم
ألا سوف تفديك القلوب محـبة ..............وأرواحـنا من قبـل ذلـك والــدم
فسرت إلى تلك البقـاع مهرولا...............كمـا سـار قبـلي باشتياق متيــم
قصـدت صلاة مؤمنا أملا بما................تكـون به ألفـا صحيحـا وأقســم
فلله كـم فيها يـذوب منـافق ..............كملـح إلـى مـاء يـذوب فيعـدم
ولله كم ينـفى الحديـد بكيره ...............كذاك لتنفي مـن أسـاءوا وأجرمـوا
وكم يأرز الإيمـان فيها محببا ...............كمـا تأرز الحيـات بالجحر فافهمـوا
ولله كم فيـها يفـوز مسـالم ...............وسكنــاهم فيـها أعـز وأعظـم
ولله كـم فيها تـزول مضايق ...............وأحـزان مـن فيها تبـاد وتفصـم
ألا إنما الخيـرات فيها إجابـة................بلـى المختـار يدعــو فيكــرم
ألا إنما الدجـال عنها مصرف ................وعـن بلدة المختـار فهـو محجـم
ألا إنها خيـر البلاد مكانـة...................تلـى مكـة الكبـرى التي تتقــدم
هنيئا لكم يا أهل طيبة موطـن ................له فـي قلـوب العارفيـن مخــيم
هنيئا لكم يا أهل طابة مسجـد ............... له فـي شفـاه الزائريـن ترنــم
به الروضة المذكور حقا صفاتها .............من المنبر البـادي وذا القبر أشـأم
وذي روضة من جنـة الله إنها...............بنص النبي والنص حـق ومحكــم
وعرج إلى صوب البقيع تحيـة...............لأرواح مـن فيها وقلبـك مغــرم
تذكر أخي إن كنت حيا قبورهم ...............حوت معظم الأصحاب والصحب أكـرم
وفي أحد الأرواح صار مرامها.................وللشهــداء روح وخيـر وانعــم
بأرواحهم قادوا جحـافل ركبـهم............. سيوفهـم تعلـو الرقـاب وتهشـم
فلله كـم من متقيـن إذا رأوا ................قبورهـم حقـا بكـوا وتلعثمــوا
وهل لي إذا جن الظلام بمثـلهم؟ .............هم صفـوة المختـار لا شك فيهـم
فما كان يرضـيهم خنـوع وذلة..............ومـا كان يرضي الله فهـو مقـدم
وفيه قبـاء مسـجد لمؤسـس .............علـى البـر والتقوى إذا ما سألتـم
وفيـه صلاة من تقـي كـعمرة ........... رواه النسائـي وهـو شـاف معلـم
وكان رسول الله في السبت زائرا ............وفيه روى الجعفـي أيضا ومسلــم
أيا قارئـا هذا القصيد وسامعا ..............عليك بسـد العيـب إن كنـت تعلـم
ولا تنسيـن عبدا فقيرا مقصرا ............ بدعـوة ظهر الغيـب علك ترحــم
وآخر دعـوة من يروم إجابـة.............. أن الحمــد لله العظيـم أتمـــم
ويا خالقـي إن الصلاة ختـامها ............وحسـن ختـام المـرء خير وأقـوم



الخميس، 21 مايو 2009

من المدائح النبوية السراج المنير للدكتور ناصر الزهراني وفقه الله

من المدائح النبوية السراج المنير للدكتور ناصر الزهراني وفقه الله

قصيدة في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم ..
للدكتور ناصر الزهراني وفقه الله
أقرأها أولا
:
تعجب الخلق من دمعي ومن ألمي *** وما دروا أن حبي صغته بدمي
أستـغفر الله ما ليـلى بفاتنتي *** ولا سعاد ولا الجــيران في أضم
لكن قلبي بنار الشوق مضطرم *** أف لقلب جمـود غير مضـطرم
منحت حبي خير الناس قاطبة *** برغم من أنـفه لا زال في الـرغم
يكفيك عن كل مدحٍ مدحُ خالقه *** وأقرأ بــربك مبدأ سورة القلم
شهم تشيد به الدنيا برمتها *** على المنـائر من عرب ومن عجم
أحيا بك الله أرواحا قد اندثرت *** في تربة الوهم بين الكأس والصنم
نفضت عنها غبار الذل فاتقدت *** وأبــدعت وروت ما قلت للأمم
ربيت جيلا أبيا مؤمنــا يقظا *** حسو شــريعتك الغراء في نهم
مـحابر وسـجلات وأندية *** وأحـرف وقـواف كن في صــــمم
فمن أبو بكر قبل الوحي من عمر ** ومــن علي ومن عثمان ذو الرحم ؟
من خالد من صلاح الدين قبلك *** من مالك ومن النعمـان في القمم ؟
من البخاري ومن أهل الصحاح ** ومن سفيان والشافعي الشهم ذو الحـكم ؟
من ابن حنبل فينا وابن تيمية *** بل المــلايين أهل الفضل والشمم ؟
من نهرك العذب يا خير الورى اغترفوا*** أنت الإمــام لأهل الفضل كلهم
ينام كسرى على الديباج ممتلئا *** كبرا وطـــوق بالقينـات والخـدم
لاهم يحمله لا دين يحكمه *** على كؤوس الخنــا في ليل منسـجم
أما العروبة أشلاء ممزقة *** من التسلط والأهـواء والغشم
فجئت يا منقذ الإنسان من *** خطر كالبدر لما يجـلي حالك الظلم
أقبلت بالحق يجتث الضلال *** فلا يلقى عـدوك إلا علقم الندم
أنت الشجاع إذا الأبطال ذاهلة *** والهندواني في الأعنـاق واللــمم
فكنت أثبتهم قلبا وأوضحهم *** دربا وأبـعدهم عن ريبـــة التـــــهم
بيت من الطين بالقرآن تعمره *** تبا لقصــر منيف بـــــات في نغم
طعامك التمر والخبز الشعير *** وما عينـاك تعـدو إلى اللـذات والنعم
تبيت والجوع يلقى فيك بغيته *** إن بــات غيرك عبد الشــحم والتخم
لما أتتك { قم الليل } استجبت لها *** العيــن تغفو وأمــآا القلب لم ينم
تمسى تناجي الذي أولاك نعمته *** حتى تغلـغلت الأورام في الــــقدم
أزيز صدرك في جوف الظلام سرى *** ودمع عينــــيك مثل الهاطل العمم
الليل تســهره بالوحي تعمــره *** وشيـــبتك بهـود آية استــــقم
تسـير وفق مـراد الله في ثقة *** ترعاك عين إلـه حــافظ حكم
فوضت أمــرك للديان مصطبرا *** بصــدق نفس وعزم غير منثلم
ولَّى أبــوك عن الدنيا ولم تره *** وأنت مرتــهن لا زلــت في الرحم
ومــاتت الأم لمّا أن أنست بها *** ولم تكـن حين ولــت بالغ الحلم
ومــات جدك من بعد الولوع به *** فكنت مـن بعدهم في ذروة اليتم
فجاء عمــك حصنا تستكن به *** فاختـاره الموت والأعداء في الأجم
تــرمى وتؤذى بأصناف العذاب *** فمـا رئيت في كــوب جبار ومنتقم
حتى عــلى كتفيك الطاهرين رموا *** سلا الجزور بكـف المشرك القزم
أما خديــجة من أعطتك بهجتها *** وألبستك ثيـاب العطف والكرم
غدت إلى جنــة الباري ورحمته *** فأسلمـتك لجرح غير ملتئم
والقلب أفعم من حب لعائشة *** ما أعظم الخطب فالعرض الشريف رمي
وشـــج وجهك ثم الجيش في أحد *** يعــود ما بين مقــتول ومنهزم
لمـــا رزقت بإبراهيم وامتلأت به *** حيــاتك بات الأمـــر كالعدم
ورغــم تلك الرزايا والخطوب وما *** رأيت من لـوعة كبرى ومن ألم
ما كنت تحمل إلا قلــب محتسب *** في عزم متـقد في وجه مبتسم
بنيت بالصبــر مجدا لا يماثله *** مجد وغـيرك عن نهج الرشاد عمى
يا أمة غفلت عن نهجه ومضـت *** تهيم من غير لا هدى ولا علم
تعيش في ظلــمات التيه دمرها *** ضعــف الأخوة والإيمان والهمم
يوم مشـرقة يوم مغربة *** تسعى النيـل دواء من ذوي سقم
لن تهتـدي أمة في غير منهجه *** مهما ارتضت من بديع الرأي والنظم
ملح أجاج ســراب خادع خور *** ليســت كمثل فرات سائغ طعم
إن أقفــرت بلدة من نور سنته *** فطائر السـعد لم يهوي ولم يحم
غنى فــؤادي وذابت أحرفي *** خجلا ممـــن تألق في تبجيله كلمي
يا ليتـني كنت فردا من صحابته *** أو خــادما عنده من أصغر الخدم
تجود بالدمـع عيني حين أذكره *** أما الفــؤاد فللحوض العظيم ظمي
يا رب لا تحـرمني من شفاعته *** في موقف مــفزع بالهول متسم
ما أعـذب الشعر في أجواء سيرته *** أكرم بمبتدأ مــنه ومــــختتم
أبدعـت ميمية بالحب شاهدة *** أشدوا بها من جـوار البيت والحرم
بقدر عمرك ما زادت وما نقصت *** والفضـل فيها لرب الجود والكرم
تغنيــك رائعتي عن كل رائعة *** ممـا سيأتي ومما قيل في القدم
لأنها مــن سليل البيت أنشدها *** لجـده في بديـع الصوت والنغم
إن كان غيري له من حبكم نسب *** فلي أنا نسـب الإيمان والرحم
إن حل في القلب أعلى منك منزلة *** في الحب حاشا إلهي بارئ النسم
فمزق الله شريــاني وأوردتي *** ولا مشت بي إلي ما أشتهي قدمي

وهي في مدح حبيبنا وشفيعنا محمد صلى الله عليه وسلم عدد أبياتها 63 بيت بعمر نبينا صلى الله عليه وسلم

بطيبة رســم للرســــول ومعهد ::: قصيدة الصحابي الجليل حسان بن ثابت راثيا سيد الأولين والآخرين عليه الصلاة والسلام

بطيبة رســم للرســــول ومعهد .. ... .. منيرٌ وقد تعفو الرسوم وتهمدُ
:::
قصيدة الصحابي الجليل
حسان بن ثابت رضي الله عنه
راثيا
سيد الأولين والآخرين
عليه الصلاة والسلام
####### @ ########
بطيبة رســم للرســــول ومعهد .. ... .. منيرٌ وقد تعفو الرسوم وتهمدُ
ولا تنمحي الآيات من دار حرمةٍ ... .. بها منبر الهادي الذي كان يصعد
وواضــــح آثارٍ وباقي معـــــالمٍ .. ... .. وربــع له فيه مصلى ومسجــد
بها حجراتٌ كان ينزل وسطهــا .. ... .. من الله نور يُستضـــــاء ويوقـــد
معارف لم تُطمَس على العهد آيُها .. ... .. أتاها البِلى فالآي منها تَجَدَّد
عرفت بها رسمَ الرسول وعهده .. ... .. وقبرا بها واراه في الترب مَلحَد
ظللت بها أبكي الرسولَ فأَسعدَت ... .. عيونٌ ومثلاها من الجفن تسعد
يذكِّرن آلاءَ الرسول وما أرى .. ... .. لهـــا مُحصِيا نفسي فنفسي تبلَّد
مُفجَّـــعة قد شفَّها فقـــدُ أحمد .. ... .. فظلت لآلاء الرســــول تعـــدد
وما بلغت من كل أمر عُشَـيْرَه .. ... .. ولكن لنفسي بعد ما قــد توَجِّـد
أطالت وقوفا تذرف العين جَهدَها .. ... .. على طــلل الذي فيه أحمــد
فبوركْتَ يا قبر الرسول وبوركَتْ .. ... .. بلادٌ ثوى فيها الرشيد المسدد
وبورك لحـــد منك ضمن طيـــبا .. ... .. عليه بنــاء من صفـيح منضـــد
تهـــيل عليه الــترب أيدٍ وأعينٌ .. ... .. عليه وقـد غــارت بذلك أسعُــد
لقد غيَّبوا حِلما وعلما ورحمــة .. ... .. عشية علَّــوه الثرى لا يوســـد
وراحوا بحزن ليس فيهم نبيهم .. ... .. وقد وهنت منهم ظهور وأعضد
يُبكُّون من تبكي السماوات يومَه .. ومن قد بكته الأرض فالناس أكمد
وهــــل عدلت يومــا رزيةُ هالك .. ... .. رزيةَ يوم مـــات فيه محمـــــد
تقطع فيه مــــنزلُ الوحي عنهم .. ... .. وقد كـــان ذا نـور يغور وينجد
يدل على الرحمن من يقتدي به ... .. وينقذ من هول الخـــزايا ويرشد
إمــامٌ لهم يهديهمُ الحق جاهدا.. ... معلم صدق إن يطيعـوه يسعدوا
عفُوٌّ عن الزلات يقبل عذرهم .. ... .. وإن يحسنوا فالله بالخير أجود
وإن ناب أمر لم يقوموا بحمله .. ... .. فمن عنده تيسير ما يتشــدد
فبينا همُ في نعمة الله بينهم .. ... .. دليل به نهـــج الطريقة يُقصَد
عزيز عليه أن يجوروا عن الهدى .. حريص على أن يستقيموا ويهتدوا
عطوف عليهم لا يثنى جناحه .. ... .. إلى كنـف يحنــو عليهم ويمــهد
فبينا همُ في ذلك النور إذ غدا.. ...إلى نورهم سهمٌ من الموت مُقصَد
فأصبح محمودًا إلى الله راجعا .. ... .. يُبكِّيه حــــق المرسلات ويحمد
وأمست بلاد الحُرمِ وحْشا بقاعها ... .. لغيبة ما كانت من الوحي تعهد
قفارًا سوى معمورة اللحد ضافها .. ... فقــيدٌ يبكِّـــيه بــلاط وغـــرقد
ومسجــده فالموحشـــات لفقده .. ... .. خــلاء له فيه مقـــامٌ ومقعد
وبالجمرة الكبرى له ثم أوحشت .. ... .. ديار وعرصــات وربــع ومولد
فبكِّى رســـول الله يا عينُ عبرةً .. ... ولا أعرفنْك الدهر دمعك يجمد
وما لك لا تَبكِين ذا النعمة التي .. ... .. على الناس منها سابغٌ يتغمد
فجودي عليه بالدموع وأعولي .. ... .. لفقد الذي لا مثله الدهر يوجد
وما فقـــَد الماضون مثلَ محمد .. ... .. ولا مثلُه حتى القـــيامة يفقـد
أعفُّ وأوفى ذمـــة بعـــد ذمة .. ... .. وأقــرب مـــنه نائـــلا لا ينكَّــد
وأبــــذلُ منه للطـــــريف وتالد .. ... . إذا ضــن معطــاء بما كان يتـلد
وأكرمُ صيتا في البيوت إذا انتمى .. ... .. وأكرمُ جـــدا أبطحيا يسود
وأمنع ذروات وأثبت في العــــلا .. ... .. دعائم عــــز شاهقات تُشَيِّد
وأثبت فرعا في الفروع ومنبتا .. ... .. وعودا غذاه المزن فالعود أغيَد
رَبَــــاه وليــدا فاســــتتم تمامه .. ... .. على أكرم الخيرات ربٌّ مُمَجَّد
تناهت وصاة المسلمين بكفــه ... .. فلا العلم محبوسٌ ولا الرأي يفند
أقـــول ولا يُلفَى لقوليَ عائبٌ .. ... .. من الناس إلا عازبُ العقلِ مبعَد
وليس هـــواي نازعا عن ثنائه .. ... .. لعلي به في جــنة الخلد أخلد
مع المصطفى أرجو بذاك جوارَه .. وفي نيل ذاك اليوم أسعى وأجهد

لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين (108)

قال الله تعالى
:
"
والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون (107)
لا تقم فيه أبدا
لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين (108)
"
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله
:
"
سبب نزول هذه الايات الكريمات أنه كان بالمدينة قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها رجل من الخزرج يقال له أبو عامر الراهب وكان قد تنصر في الجاهلية وقرأ علم أهل الكتاب وكان فيه عبادة في الجاهلية وله شرف في الخزرج كبير فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجرا إلى المدينة واجتمع المسلمون عليه وصارت للإسلام كلمة عالية وأظهرهم الله يوم بدر شرق اللعين أبو عامر بريقه وبارز بالعداوة وظاهر بها وخرج فارا إلى كفار مكة من مشركي قريش يمالئهم على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجتمعوا بمن وافقهم من أحياء العرب وقدموا عام أحد فكان من أمر المسلمين ما كان وامتحنهم الله عز وجل وكانت العاقبة للمتقين وكان هذا الفاسق قد حفر حفائر فيما بين الصفين فوقع في إحداهن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصيب ذلك اليوم فجرح وجهه وكسرت رباعيته اليمنى السفلى وشج رأسه صلوات الله وسلامه عليه وتقدم أبو عامر في أول المبارزة إلى قومه من الأنصار فخاطبهم واستمالهم إلى نصره وموافقته فلما عرفوا كلامه قالوا : لا أنعم الله بك عينا يا فاسق يا عدو الله ونالوا منه وسبوه فرجع وهو يقول : والله لقد أصاب قومي بعدي شر وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دعاه إلى الله قبل فراره وقرأ عليه من القرآن فأبى أن يسلم وتمرد فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يموت بعيدا طريدا فنالته هذه الدعوة وذلك أنه لما فرغ الناس من أحد ورأى أمر الرسول صلى الله عليه وسلم في ارتفاع وظهور ذهب إلى هرقل ملك الروم يستنصره على النبي صلى الله عليه وسلم فوعده ومناه وأقام عنده وكتب إلى جماعة من قومه من الأنصار من أهل النفاق والريب يعدهم ويمنيهم أنه سيقدم بجيش يقاتل به رسول الله صلى الله عليه وسلم ويغلبه ويرده عما هو فيه وأمرهم أن يتخذوا له معقلا يقدم عليهم فيه من يقدم من عنده لأداء كتبه ويكون مرصدا له إذا قدم عليهم بعد ذلك فشرعوا في بناء مسجد مجاور لمسجد قباء فبنوه وأحكموه وفرغوا منه قبل خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك وجاءوا فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي إليهم فيصلي في مسجدهم ليحتجوا بصلاته فيه على تقريره وإثباته وذكروا أنهم إنما بنوه للضعفاء منهم وأهل العلة في الليلة الشاتية فعصمه الله من الصلاة فيه فقال : [ إنا على سفر ولكن إذا رجعنا إن شاء الله ] فلما قفل عليه السلام راجعا إلى المدينة من تبوك ولم يبق بينه وبينها إلا يوم أو بعض يوم نزل عليه جبريل بخبر مسجد الضرار وما اعتمده بانوه من الكفر والتفريق بين جماعة المؤمنين في مسجدهم مسجد قباء الذي أسس من أول يوم على التقوى فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك المسجد من هدمه قبل مقدمه المدينة كما قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في الاية هم أناس من الأنصار بنوا مسجدا فقال لهم أبو عامر : ابنوا مسجدا واستعدوا بما استطعتم من قوة ومن سلاح فإني ذاهب إلى قيصر ملك الروم فآتي بجنود من الروم وأخرج محمدا وأصحابه فلما فرغوا من مسجدهم أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا له : قد فرغنا من بناء مسجدنا فنحب أن تصلي فيه وتدعو لنا بالبركة فأنزل الله عز وجل { لا تقم فيه أبدا } إلى قوله : { الظالمين } وكذا روي عن سعيد بن جبير ومجاهد وعروة بن الزبير وقتادة وغير واحد من العلماء وقال محمد بن إسحاق بن يسار عن الزهري ويزيد بن رومان وعبد الله بن أبي بكر وعاصم بن عمر بن قتادة وغيرهم قالوا : أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني من تبوك حتى نزل بذي أوان بلد بينه وبين المدينة ساعة من نهار وكان أصحاب مسجد الضرار قد كانوا أتوه وهو يتجهز إلى تبوك فقالوا : يا رسول الله إنا قد بنينا مسجدا لذي العلة والحاجة والليلة المطيرة والليلة الشاتية وإنا نحب أن تأتينا فتصلي لنا فيه فقال : [ إني على جناح سفر وحال شغل ] أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ولو قد قدمنا إن شاء الله تعالى أتيناكم فصلينا لكم فيه ] فلما نزل بذي أوان أتاه خبر المسجد فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك بن الدخشم أخا بني سالم بن عوف ومعن بن عدي أو أخاه عامر بن عدي أخا بلعجلان فقال : [ انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدماه وحرقاه ] فخرجا سريعين حتى أتيا بني سالم بن عوف وهم رهط مالك بن الدخشم فقال مالك لمعن : أنظرني حتى أخرج إليك بنار من أهلي فدخل أهله فأخذ سعفا من النخل فأشعل فيه نارا ثم خرجا يشتدان حتى دخلا المسجد وفيه أهله فحرقاه وهدماه وتفرقوا عنه ونزل فيهم من القرآن ما نزل { والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا } إلى آخر القصة وكان الذين بنوه اثني عشر رجلا : خذام بن خالد من بني عبيد بن زيد أحد بني عمرو بن عوف ومن داره أخرج مسجد الشقاق وثعلبة بن حاطب من بني عبيد وموالي بني أمية بن زيد ومعتب بن قشير من بني ضبيعة بن زيد وأبو حبيبة بن الأزعر من بني ضبيعة بن زيد وعباد بن حنيف أخو سهل بن حنيف من بني عمرو بن عوف وحارثة بن عامر وابناه مجمع بن حارثة وزيد بن حارثة ونبتل الحارث وهم من بني ضبيعة ومخرج وهم من بني ضبيعة وبجاد بن عثمان وهو من بني ضبيعة ووديعة بن ثابت وموالي بني أمية رهط أبي لبابة بن عبد المنذر وقوله { وليحلفن } أي الذين بنوه { إن أردنا إلا الحسنى } أي ما أردنا ببنيانه إلا خيرا ورفقا بالناس قال الله تعالى : { والله يشهد إنهم لكاذبون } أي فيما قصدوا وفيما نووا وإنما بنوه ضرارا لمسجد قباء وكفرا بالله وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وهو أبو عامر الفاسق الذي يقال له الراهب لعنه الله وقوله { لا تقم فيه أبدا } نهي له صلى الله عليه وسلم والأمة تبع له في ذلك عن أن يقوم فيه أي يصلي فيه أبدا ثم حثه على الصلاة بمسجد قباء الذي أسس من أول يوم بنيانه على التقوى وهي طاعة الله وطاعة رسوله وجمعا لكلمة المؤمنين ومعقلا وموئلا للإسلام وأهله ولهذا قال تعالى : { لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه } والسياق إنما هو في معرض مسجد قباء ولهذا جاء في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : [ صلاة في مسجد قباء كعمرة ] وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يزور مسجد قباء راكبا وماشيا وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بناه وأسسه أول قدومه ونزوله على بني عمرو بن عوف كان جبريل هو الذي عين له جهة القبلة فالله أعلم
وقال أبو داود : حدثنا محمد بن العلاء حدثنا معاوية بن هشام عن يونس بن الحارث عن إبراهيم بن أبي ميمونة عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ نزلت هذه الاية في أهل قباء { فيه رجال يحبون أن يتطهروا } ـ قال ـ كانوا يستنجون بالماء فنزلت فيهم هذه الاية ] ورواه الترمذي وابن ماجه من حديث يونس بن الحارث وهو ضعيف وقال الترمذي غريب من هذا الوجه وقال الطبراني : حدثنا الحسن بن علي المعمري حدثنا محمد بن حميد الرازي حدثنا سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال : لما نزلت هذه الاية { فيه رجال يحبون أن يتطهروا } بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عويم بن ساعدة فقال : [ ما هذا الطهور الذي أثنى الله عليكم ؟ ] فقال : يا رسول الله ما خرج منا رجل ولا امرأة من الغائط إلا وغسل فرجه أو قال مقعدته فقال النبي صلى الله عليه وسلم [ هو هذا ]
وقال الإمام أحمد : حدثنا حسين بن محمد حدثنا أبو أويس حدثنا شرحبيل عن عويم بن ساعدة الأنصاري أنه حدثه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاهم في مسجد قباء فقال : [ إن الله تعالى قد أحسن عليكم الثناء في الطهور في قصة مسجدكم فما هذا الطهور الذي تطهرون به ؟ ] فقالوا : والله يا رسول الله ما نعلم شيئا إلا أنه كان لنا جيران من اليهود فكانوا يغسلون أدبارهم من الغائط فغسلنا كما غسلوا ورواه ابن خزيمة في صحيحه وقال هشيم عن عبد الحميد المدني عن إبراهيم بن إسماعيل الأنصاري : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعويم بن ساعدة : [ ما هذا الذي أثنى الله عليكم { فيه رجال يحبون أن يتطهروا } الاية قالوا : يا رسول الله إنا نغسل الأدبار بالماء ] وقال ابن جرير : حدثني محمد بن عمارة الأسدي حدثنا محمد بن سعد عن إبراهيم بن محمد عن شرحبيل بن سعد قال : سمعت خزيمة بن ثابت يقول : نزلت هذه الاية { فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين } قال كانوا يغسلون أدبارهم من الغائط
( حديث آخر ) قال الإمام أحمد بن حنبل : حدثنا يحيى بن آدم حدثنا مالك يعني ابن مغول سمعت سيارا أبا الحكم عن شهر بن حوشب عن محمد بن عبد الله بن سلام قال : لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني قباء فقال [ إن الله عز وجل قد أثنى عليكم في الطهور خيرا أفلا تخبروني ؟ ] يعني قوله { فيه رجال يحبون أن يتطهروا } فقالوا يا رسول الله إنا نجده مكتوبا علينا في التوراة الاستنجاء بالماء
وقد صرح بأنه مسجد قباء جماعة من السلف رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ورواه عبد الرزاق عن معمر الزهري عن عروة بن الزبير وقال عطية العوفي وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم والشعبي والحسن البصري ونقله البغوي عن سعيد بن جبير وقتادة وقد ورد في الحديث الصحيح أن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي في جوف المدينة هو المسجد الذي أسس على التقوى وهذا صحيح ولا منافاة بين الاية وبين هذا لأنه إذا كان مسجد قباء قد أسس على التقوى من أول يوم فمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بطريق الأولى والأحرى ولهذا قال الإمام أحمد بن حنبل في مسنده : حدثنا أبو نعيم حدثنا عبد الله بن عامر الأسلمي عن عمران بن أبي أنس عن سهل بن سعد عن أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ المسجد الذي أسس على التقوى مسجدي هذا ] تفرد به أحمد
( حديث آخر ) قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع حدثنا ربيعة بن عثمان التيمي عن عمران بن أبي أنس عن سهل بن سعد الساعدي قال : اختلف رجلان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد الذي أسس على التقوى فقال أحدهما هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال الاخر هو مسجد قباء فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فسألاه فقال : [ هو مسجدي هذا ] تفرد به أحمد أيضا
( حديث آخر ) قال الإمام أحمد : حدثنا موسى بن داود حدثنا ليث عن عمران بن أبي أنس عن سعيد بن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : تمارى رجلان في المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم فقال أحدهما هو مسجد قباء وقال الاخر هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ هو مسجدي هذا ] تفرد به أحمد
( طريق أخرى ) قال الإمام أحمد : حدثنا إسحاق بن عيسى حدثنا ليث حدثني عمران بن أبي أنس عن ابن أبي سعيد عن أبيه أنه قال : تمارى رجلان في المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم فقال رجل هو مسجد قباء وقال الاخر هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ هو مسجدي ] وكذا رواه الترمذي والنسائي عن قتيبة عن الليث وصححه الترمذي ورواه مسلم كما سيأتي
( طريق أخرى ) قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى عن أنيس بن أبي يحيى حدثني أبي قال : سمعت أبا سعيد الخدري قال : اختلف رجلان رجل من بني خدرة ورجل من بني عمرو بن عوف في المسجد الذي أسس على التقوى فقال الخدري هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال العمري هو مسجد قباء فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألاه عن ذلك فقال : [ هو هذا المسجد ] لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال في ذلك يعني مسجد قباء
( طريق أخرى ) قال الإمام أحمد : قال أبو جعفر بن جرير : حدثنا ابن بشار حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا حميد الخراط المدني سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن بن أبي سعيد فقلت كيف سمعت أباك يقول في المسجد الذي أسس على التقوى ؟ فقال إني أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخلت عليه في بيت لبعض نسائه فقلت : يا رسول الله أين المسجد الذي أسس على التقوى ؟ قال : فأخذ كفا من حصباء فضرب به الأرض ثم قال : [ هو مسجدكم هذا ] ثم قال سمعت أباك يذكره رواه مسلم منفردا به عن محمد بن حاتم عن يحيى بن سعيد به ورواه عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره عن حاتم بن إسماعيل عن حميد الخراط به وقد قال بأنه مسجد النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من السلف والخلف وهو مروي عن عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وزيد بن ثابت وسعيد بن المسيب واختاره ابن جرير وقوله : { لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين } دليل على استحباب الصلاة في المساجد القديمة المؤسسة من أول بنائها على عبادة الله وحده لا شريك له وعلى استحباب الصلاة مع الجماعة الصالحين والعباد العاملين المحافظين على إسباغ الوضوء والتنزه عن ملابسة القاذورات
وقد قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن عبد الملك بن عمير سمعت شبيبا أبا روح يحدث عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم الصبح فقرأ الروم فيها فأوهم فلما انصرف قال : [ إنه يلبس علينا القرآن إن أقواما منكم يصلون معنا لا يحسنون الوضوء فمن شهد الصلاة معنا فليحسن الوضوء ] ثم رواه من طريقين آخرين عن عبد الملك بن عمير عن شبيب أبي روح من ذي الكلاع أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم فذكره فدل هذا على أن إكمال الطهارة يسهل القيام في العبادة ويعين على إتمامها وإكمالها والقيام بمشروعاتها وقال أبو العالية في قوله تعالى : { والله يحب المطهرين } إن الطهور بالماء لحسن ولكنهم المطهرون من الذنوب وقال الأعمش التوبة من الذنوب والتطهر من الشرك وقد ورد في الحديث المروي من طرق في السنن وغيرها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأهل قباء : [ قد أثنى الله عليكم في الطهور فماذا تصنعون ؟ ] فقالوا نستنجي بالماء وقد قال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا عبد الله بن شبيب حدثنا أحمد بن عبد العزيز قال : وجدته في كتاب أبي عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال نزلت هذه الاية في أهل قباء { فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين } فسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا إنا نتبع الحجارة بالماء رواه البزار ثم قال : تفرد به محمد بن عبد العزيز عن الزهري ولم يرو عنه سوى ابنه { قلت } وإنما ذكرته بهذا اللفظ لأنه مشهور بين الفقهاء ولم يعرفه كثير من المحدثين المتأخرين أو كلهم والله أعلم
"

لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين (108)

قال الله تعالى
:
"
والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون (107)
لا تقم فيه أبدا
لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين (108)
"
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله
:
"
سبب نزول هذه الايات الكريمات أنه كان بالمدينة قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها رجل من الخزرج يقال له أبو عامر الراهب وكان قد تنصر في الجاهلية وقرأ علم أهل الكتاب وكان فيه عبادة في الجاهلية وله شرف في الخزرج كبير فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجرا إلى المدينة واجتمع المسلمون عليه وصارت للإسلام كلمة عالية وأظهرهم الله يوم بدر شرق اللعين أبو عامر بريقه وبارز بالعداوة وظاهر بها وخرج فارا إلى كفار مكة من مشركي قريش يمالئهم على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجتمعوا بمن وافقهم من أحياء العرب وقدموا عام أحد فكان من أمر المسلمين ما كان وامتحنهم الله عز وجل وكانت العاقبة للمتقين وكان هذا الفاسق قد حفر حفائر فيما بين الصفين فوقع في إحداهن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصيب ذلك اليوم فجرح وجهه وكسرت رباعيته اليمنى السفلى وشج رأسه صلوات الله وسلامه عليه وتقدم أبو عامر في أول المبارزة إلى قومه من الأنصار فخاطبهم واستمالهم إلى نصره وموافقته فلما عرفوا كلامه قالوا : لا أنعم الله بك عينا يا فاسق يا عدو الله ونالوا منه وسبوه فرجع وهو يقول : والله لقد أصاب قومي بعدي شر وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دعاه إلى الله قبل فراره وقرأ عليه من القرآن فأبى أن يسلم وتمرد فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يموت بعيدا طريدا فنالته هذه الدعوة وذلك أنه لما فرغ الناس من أحد ورأى أمر الرسول صلى الله عليه وسلم في ارتفاع وظهور ذهب إلى هرقل ملك الروم يستنصره على النبي صلى الله عليه وسلم فوعده ومناه وأقام عنده وكتب إلى جماعة من قومه من الأنصار من أهل النفاق والريب يعدهم ويمنيهم أنه سيقدم بجيش يقاتل به رسول الله صلى الله عليه وسلم ويغلبه ويرده عما هو فيه وأمرهم أن يتخذوا له معقلا يقدم عليهم فيه من يقدم من عنده لأداء كتبه ويكون مرصدا له إذا قدم عليهم بعد ذلك فشرعوا في بناء مسجد مجاور لمسجد قباء فبنوه وأحكموه وفرغوا منه قبل خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك وجاءوا فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي إليهم فيصلي في مسجدهم ليحتجوا بصلاته فيه على تقريره وإثباته وذكروا أنهم إنما بنوه للضعفاء منهم وأهل العلة في الليلة الشاتية فعصمه الله من الصلاة فيه فقال : [ إنا على سفر ولكن إذا رجعنا إن شاء الله ] فلما قفل عليه السلام راجعا إلى المدينة من تبوك ولم يبق بينه وبينها إلا يوم أو بعض يوم نزل عليه جبريل بخبر مسجد الضرار وما اعتمده بانوه من الكفر والتفريق بين جماعة المؤمنين في مسجدهم مسجد قباء الذي أسس من أول يوم على التقوى فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك المسجد من هدمه قبل مقدمه المدينة كما قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في الاية هم أناس من الأنصار بنوا مسجدا فقال لهم أبو عامر : ابنوا مسجدا واستعدوا بما استطعتم من قوة ومن سلاح فإني ذاهب إلى قيصر ملك الروم فآتي بجنود من الروم وأخرج محمدا وأصحابه فلما فرغوا من مسجدهم أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا له : قد فرغنا من بناء مسجدنا فنحب أن تصلي فيه وتدعو لنا بالبركة فأنزل الله عز وجل { لا تقم فيه أبدا } إلى قوله : { الظالمين } وكذا روي عن سعيد بن جبير ومجاهد وعروة بن الزبير وقتادة وغير واحد من العلماء وقال محمد بن إسحاق بن يسار عن الزهري ويزيد بن رومان وعبد الله بن أبي بكر وعاصم بن عمر بن قتادة وغيرهم قالوا : أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني من تبوك حتى نزل بذي أوان بلد بينه وبين المدينة ساعة من نهار وكان أصحاب مسجد الضرار قد كانوا أتوه وهو يتجهز إلى تبوك فقالوا : يا رسول الله إنا قد بنينا مسجدا لذي العلة والحاجة والليلة المطيرة والليلة الشاتية وإنا نحب أن تأتينا فتصلي لنا فيه فقال : [ إني على جناح سفر وحال شغل ] أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ولو قد قدمنا إن شاء الله تعالى أتيناكم فصلينا لكم فيه ] فلما نزل بذي أوان أتاه خبر المسجد فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك بن الدخشم أخا بني سالم بن عوف ومعن بن عدي أو أخاه عامر بن عدي أخا بلعجلان فقال : [ انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدماه وحرقاه ] فخرجا سريعين حتى أتيا بني سالم بن عوف وهم رهط مالك بن الدخشم فقال مالك لمعن : أنظرني حتى أخرج إليك بنار من أهلي فدخل أهله فأخذ سعفا من النخل فأشعل فيه نارا ثم خرجا يشتدان حتى دخلا المسجد وفيه أهله فحرقاه وهدماه وتفرقوا عنه ونزل فيهم من القرآن ما نزل { والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا } إلى آخر القصة وكان الذين بنوه اثني عشر رجلا : خذام بن خالد من بني عبيد بن زيد أحد بني عمرو بن عوف ومن داره أخرج مسجد الشقاق وثعلبة بن حاطب من بني عبيد وموالي بني أمية بن زيد ومعتب بن قشير من بني ضبيعة بن زيد وأبو حبيبة بن الأزعر من بني ضبيعة بن زيد وعباد بن حنيف أخو سهل بن حنيف من بني عمرو بن عوف وحارثة بن عامر وابناه مجمع بن حارثة وزيد بن حارثة ونبتل الحارث وهم من بني ضبيعة ومخرج وهم من بني ضبيعة وبجاد بن عثمان وهو من بني ضبيعة ووديعة بن ثابت وموالي بني أمية رهط أبي لبابة بن عبد المنذر وقوله { وليحلفن } أي الذين بنوه { إن أردنا إلا الحسنى } أي ما أردنا ببنيانه إلا خيرا ورفقا بالناس قال الله تعالى : { والله يشهد إنهم لكاذبون } أي فيما قصدوا وفيما نووا وإنما بنوه ضرارا لمسجد قباء وكفرا بالله وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وهو أبو عامر الفاسق الذي يقال له الراهب لعنه الله وقوله { لا تقم فيه أبدا } نهي له صلى الله عليه وسلم والأمة تبع له في ذلك عن أن يقوم فيه أي يصلي فيه أبدا ثم حثه على الصلاة بمسجد قباء الذي أسس من أول يوم بنيانه على التقوى وهي طاعة الله وطاعة رسوله وجمعا لكلمة المؤمنين ومعقلا وموئلا للإسلام وأهله ولهذا قال تعالى : { لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه } والسياق إنما هو في معرض مسجد قباء ولهذا جاء في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : [ صلاة في مسجد قباء كعمرة ] وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يزور مسجد قباء راكبا وماشيا وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بناه وأسسه أول قدومه ونزوله على بني عمرو بن عوف كان جبريل هو الذي عين له جهة القبلة فالله أعلم
وقال أبو داود : حدثنا محمد بن العلاء حدثنا معاوية بن هشام عن يونس بن الحارث عن إبراهيم بن أبي ميمونة عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ نزلت هذه الاية في أهل قباء { فيه رجال يحبون أن يتطهروا } ـ قال ـ كانوا يستنجون بالماء فنزلت فيهم هذه الاية ] ورواه الترمذي وابن ماجه من حديث يونس بن الحارث وهو ضعيف وقال الترمذي غريب من هذا الوجه وقال الطبراني : حدثنا الحسن بن علي المعمري حدثنا محمد بن حميد الرازي حدثنا سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال : لما نزلت هذه الاية { فيه رجال يحبون أن يتطهروا } بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عويم بن ساعدة فقال : [ ما هذا الطهور الذي أثنى الله عليكم ؟ ] فقال : يا رسول الله ما خرج منا رجل ولا امرأة من الغائط إلا وغسل فرجه أو قال مقعدته فقال النبي صلى الله عليه وسلم [ هو هذا ]
وقال الإمام أحمد : حدثنا حسين بن محمد حدثنا أبو أويس حدثنا شرحبيل عن عويم بن ساعدة الأنصاري أنه حدثه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاهم في مسجد قباء فقال : [ إن الله تعالى قد أحسن عليكم الثناء في الطهور في قصة مسجدكم فما هذا الطهور الذي تطهرون به ؟ ] فقالوا : والله يا رسول الله ما نعلم شيئا إلا أنه كان لنا جيران من اليهود فكانوا يغسلون أدبارهم من الغائط فغسلنا كما غسلوا ورواه ابن خزيمة في صحيحه وقال هشيم عن عبد الحميد المدني عن إبراهيم بن إسماعيل الأنصاري : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعويم بن ساعدة : [ ما هذا الذي أثنى الله عليكم { فيه رجال يحبون أن يتطهروا } الاية قالوا : يا رسول الله إنا نغسل الأدبار بالماء ] وقال ابن جرير : حدثني محمد بن عمارة الأسدي حدثنا محمد بن سعد عن إبراهيم بن محمد عن شرحبيل بن سعد قال : سمعت خزيمة بن ثابت يقول : نزلت هذه الاية { فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين } قال كانوا يغسلون أدبارهم من الغائط
( حديث آخر ) قال الإمام أحمد بن حنبل : حدثنا يحيى بن آدم حدثنا مالك يعني ابن مغول سمعت سيارا أبا الحكم عن شهر بن حوشب عن محمد بن عبد الله بن سلام قال : لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني قباء فقال [ إن الله عز وجل قد أثنى عليكم في الطهور خيرا أفلا تخبروني ؟ ] يعني قوله { فيه رجال يحبون أن يتطهروا } فقالوا يا رسول الله إنا نجده مكتوبا علينا في التوراة الاستنجاء بالماء
وقد صرح بأنه مسجد قباء جماعة من السلف رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ورواه عبد الرزاق عن معمر الزهري عن عروة بن الزبير وقال عطية العوفي وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم والشعبي والحسن البصري ونقله البغوي عن سعيد بن جبير وقتادة وقد ورد في الحديث الصحيح أن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي في جوف المدينة هو المسجد الذي أسس على التقوى وهذا صحيح ولا منافاة بين الاية وبين هذا لأنه إذا كان مسجد قباء قد أسس على التقوى من أول يوم فمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بطريق الأولى والأحرى ولهذا قال الإمام أحمد بن حنبل في مسنده : حدثنا أبو نعيم حدثنا عبد الله بن عامر الأسلمي عن عمران بن أبي أنس عن سهل بن سعد عن أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ المسجد الذي أسس على التقوى مسجدي هذا ] تفرد به أحمد
( حديث آخر ) قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع حدثنا ربيعة بن عثمان التيمي عن عمران بن أبي أنس عن سهل بن سعد الساعدي قال : اختلف رجلان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد الذي أسس على التقوى فقال أحدهما هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال الاخر هو مسجد قباء فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فسألاه فقال : [ هو مسجدي هذا ] تفرد به أحمد أيضا
( حديث آخر ) قال الإمام أحمد : حدثنا موسى بن داود حدثنا ليث عن عمران بن أبي أنس عن سعيد بن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : تمارى رجلان في المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم فقال أحدهما هو مسجد قباء وقال الاخر هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ هو مسجدي هذا ] تفرد به أحمد
( طريق أخرى ) قال الإمام أحمد : حدثنا إسحاق بن عيسى حدثنا ليث حدثني عمران بن أبي أنس عن ابن أبي سعيد عن أبيه أنه قال : تمارى رجلان في المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم فقال رجل هو مسجد قباء وقال الاخر هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ هو مسجدي ] وكذا رواه الترمذي والنسائي عن قتيبة عن الليث وصححه الترمذي ورواه مسلم كما سيأتي
( طريق أخرى ) قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى عن أنيس بن أبي يحيى حدثني أبي قال : سمعت أبا سعيد الخدري قال : اختلف رجلان رجل من بني خدرة ورجل من بني عمرو بن عوف في المسجد الذي أسس على التقوى فقال الخدري هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال العمري هو مسجد قباء فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألاه عن ذلك فقال : [ هو هذا المسجد ] لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال في ذلك يعني مسجد قباء
( طريق أخرى ) قال الإمام أحمد : قال أبو جعفر بن جرير : حدثنا ابن بشار حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا حميد الخراط المدني سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن بن أبي سعيد فقلت كيف سمعت أباك يقول في المسجد الذي أسس على التقوى ؟ فقال إني أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخلت عليه في بيت لبعض نسائه فقلت : يا رسول الله أين المسجد الذي أسس على التقوى ؟ قال : فأخذ كفا من حصباء فضرب به الأرض ثم قال : [ هو مسجدكم هذا ] ثم قال سمعت أباك يذكره رواه مسلم منفردا به عن محمد بن حاتم عن يحيى بن سعيد به ورواه عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره عن حاتم بن إسماعيل عن حميد الخراط به وقد قال بأنه مسجد النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من السلف والخلف وهو مروي عن عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وزيد بن ثابت وسعيد بن المسيب واختاره ابن جرير وقوله : { لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين } دليل على استحباب الصلاة في المساجد القديمة المؤسسة من أول بنائها على عبادة الله وحده لا شريك له وعلى استحباب الصلاة مع الجماعة الصالحين والعباد العاملين المحافظين على إسباغ الوضوء والتنزه عن ملابسة القاذورات
وقد قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن عبد الملك بن عمير سمعت شبيبا أبا روح يحدث عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم الصبح فقرأ الروم فيها فأوهم فلما انصرف قال : [ إنه يلبس علينا القرآن إن أقواما منكم يصلون معنا لا يحسنون الوضوء فمن شهد الصلاة معنا فليحسن الوضوء ] ثم رواه من طريقين آخرين عن عبد الملك بن عمير عن شبيب أبي روح من ذي الكلاع أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم فذكره فدل هذا على أن إكمال الطهارة يسهل القيام في العبادة ويعين على إتمامها وإكمالها والقيام بمشروعاتها وقال أبو العالية في قوله تعالى : { والله يحب المطهرين } إن الطهور بالماء لحسن ولكنهم المطهرون من الذنوب وقال الأعمش التوبة من الذنوب والتطهر من الشرك وقد ورد في الحديث المروي من طرق في السنن وغيرها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأهل قباء : [ قد أثنى الله عليكم في الطهور فماذا تصنعون ؟ ] فقالوا نستنجي بالماء وقد قال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا عبد الله بن شبيب حدثنا أحمد بن عبد العزيز قال : وجدته في كتاب أبي عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال نزلت هذه الاية في أهل قباء { فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين } فسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا إنا نتبع الحجارة بالماء رواه البزار ثم قال : تفرد به محمد بن عبد العزيز عن الزهري ولم يرو عنه سوى ابنه { قلت } وإنما ذكرته بهذا اللفظ لأنه مشهور بين الفقهاء ولم يعرفه كثير من المحدثين المتأخرين أو كلهم والله أعلم
"

الخميس، 5 يونيو 2008

0